فتحي الذاري
تشهد القضية الفلسطينية تطورات متسارعة، تتجلى في الأحداث العدائية والجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدعم واضح من الولايات المتحدة وحلفائها. فالصمت الدولي، وغض الطرف عن المجازر التي تُرتكب في حق المدنيين، يؤكد واقعاً مريراً، ولكن قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق قادة إسرائيليين مثل بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت بسبب ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية يُعدّ تحولاً نوعياً في سياق العدالة الدوليةوتُسجل الأحداث الأخيرة، خاصة في قطاع غزة ومدينة رفح والقدس والضفة الغربية، سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين، بما في ذلك قصف المخيمات والمرافق الإنسانية وتهجير السكان. وتظهر التقارير شيوع جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، مما يدفع المجتمع الدولي إلى مكاشفة ضمائرهم إن قرار محكمة الجنايات الدولية يُشدد على مسؤولية الاحتلال عن هذه الجرائم، وهو ما يعطي أملاً جديداً للشعب الفلسطيني ويعزز فكرة أن الحق يمكن أن ينتصر حتى في أحلك الظروف وتسبب إصدار مذكرة الاعتقال في حالة من الذعر لدى القادة الإسرائيليين والإدارة الأمريكية، حيث تعتبر هذه الخطوة غير مسبوقةلقد دخلت القضية الفلسطينية حيز النقاش القانوني الدولي بشكل أعمق، مما يمكن أن يعزز من حقوق الفلسطينيين في المطالبة بالعدالة. كما أن إثارة أسماء طيارين وضباط إسرائيليين، رغم احتفاظ المحكمة بسرية بعض الأسماء، تؤكد نية جدية في محاسبة المقترفين.
إن هذا القرار يؤكد تراجع الهيمنة الأمريكية ونظام الأحادية القطبية، حيث يفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الدول التي ترفض الانصياع للمصالح الأمريكية. يشير الخبراء إلى أن هذه الديناميكية قد تساهم في تغيير الأوضاع السياسية في المنطقة، وتعزز من قدرة الدول المعنية على مقاربة قضاياها بشكل مستقل والتعبير عن مصالحها الذاتيةويمكن اعتبار قرار محكمة الجنايات بالنسبة لكثير من البلدان دليلاً على تضامن عالمي حتى وإن كان خجولاً مع القضية الفلسطينيةفزيادة التعاطف مع الفلسطينيين يعكس تحولاً مهماً في الرأي العام العالمي، وهو ما يمكن أن يضغط على الحكومات لتحقيق العدالة والسلام في المنطقةويجب أن يكون هذا القرار دعوة لكل من الشعوب العربية والإسلامية لتوحيد صفوفها والنهوض بمسؤولياتها لدعم فلسطين. من الضروري تعزيز وعي المجتمعات العربية بواجباتها تجاه القضية الفلسطينية وتحفيز العمل المشترك لمواجهة العدوان حيث إن قرار محكمة الجنايات الدولية يمثل بداية جديدة في مسار القضية الفلسطينية، كما يصدر إدانة قاطعة للجرائم التي يرتكبها الاحتلال. في ظل تزايد الضغوط والتوجهات الدولية نحو العدالة، يتعين على جميع الأحرار في العالم أن يسجلوا مواقفهم الشجاعة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني مؤكدين على أن الحق لا يموت، وأن النصر قادم لا محالة. إن هذه القضيات ليست مجرد قضايا سياسية بل تمثل معركة وجودية بامتياز.